--------------------------------------------------------------------------------
تحقيق قاسم بكري
تنفرد صحيفة "صوت البلد" في هذا اللقاء الحصري الذي أجرته مع الشيخ نور اليقين يونس بدران ( 37 عاما) وهو امام مسجد النور في قرية البعنة الجليلية، بالكشف عن اعتناقه المذهب الشيعي بعد تركه للمذهب السني الذي يتبعه المسلمون في البلاد، وبذلك يكون الشيخ أول امام شيعي في فلسطين المحتلة
في هذا الحوار الذي أجريناه في مكاتب "صوت البلد" يجيب الشيخ، والذي يثير اعلان تشيعه تساؤلات عدة خاصة في هذا الوقت بالذات، على أسئلتنا بجرأة متناهية، مدافعا عن تشيعه، مواقف الشيعة المختلفة، عصمة أئمة الشيعة الاثني عشر، قراره غير القابل للتراجع وقضايا وأمور كثيرة هي مدار جدل ونقاش بين الشيعة وأهل السنة. وفيما يلي الحوار كما سجلناه حرفيا:
*دون أدنى شك قرارك اعتناق المذهب الشيعي كان مفاجئا وصعبا خاصة لأنك أمام مسجد وقد ولدت لعائلة سنية وليس في قريتك أو المنطقة شيعة؟
القرار اتخذ صراحة منذ ثلاث سنوات، التفكير كان في هذا الاتجاه منذ دراستي في كلية الشريعة والعلوم الإسلامية في ام الفحم منذ أوائل التسعينيات والقرار طبعا كان صعبا خاصة وأنني اعرف الظروف التي نعيشها والحالة الدينية التي عليها أهلنا ولكن الاهم انني اقنتعت بهذا تماما والظروف الأخيرة كان فيها نوع من الفرصة بما ان أهلنا في العالم اطلعوا على حقيقة الشيعة بعد الحرب الأخيرة على أنهم (أي الشيعة) مسلمون مثلنا مثلهم وبما ان هذا الأمر اصبح جليا عند الناس شعرت ان الوقت مواتيا ومناسباً لأعلن قضية تشيعي بمعنى انتمائي للشيعة. انا كأمام مسجد أقدم رسالة ويجب ان أكون صادقاً فيها وهذا يأتي ضمن رسالتي التي احملها.
*لماذا جاء هذا القرار في هذا الوقت بالذات.. ألاّ تخشى ردة فعل غاضبة من المصلين الذين تؤمهم؟
ردة الفعل كانت محسوبة بشكل قوي لو لم يصرح كبار مشايخ السنة وعلى رأسهم د.يوسف القرضاوي بأن الشيعة مسلمون وهم منا ولهم ما لنا وعليهم ما علينا وبالتالي وبما ان القرضاوي يمثل مرجعية عليا بالنسبة للمسلمين السنة فردة الفعل حتما ستكون خفيفة ومنطبتة ومتفهمة ولذلك لم أخش ردة الفعل والا لبقي امر تشيعي في سري ولأحتفظ به لنفسي. المذهب الشيعي اصبح لي كغيره من المذاهب كالشافعية والحنفية وغيرها.
*كيف تقبل من حولك هذا الامر؟
اقرب الناس لي وخاصة الوالدين والإخوة كانوا يعرفون مني العقلية المنفتحة ودائما كنت أناقش أي قضية كطرف محايد حتى لو كنت منتميا الى طرف دون الأخر ولذلك كان موقفي صحيحاً او شبه صحيح ولا أزكي نفسي وبالتالي قبل الاهل هذا الامر بتفهم.
*وهل تشيعوا هم ايضا؟
لا يرون بأساً بأن يتشيعوا طالما ان التشيع لا يتنافى مع القواعد الاساسية التي جاء بها كتاب الله والرسول صلى الله عليه وسلم وهو كذلك.
*هل نستطيع القول ان الشيخ نور يحاول البحث عن الحقيقة.. وهل تعتقد ان الشيعة هي الفئة الناجية وغيرها فئات ضالة بمن فيهم أهل السنة؟
كنت سنياً أدافع عن الشيعة واليوم انا شيعي وما زلت أدافع عن خط الشيعة وبنفس الأسلوب ولكن المصيبة الكبرى هي تصنيف من هم من أهل لا اله إلا الله محمد رسول الله لأي رأي يرونه او فكر يصورونه او اتجاه يستحسنونه على أنهم اما فرقة ضالة او فرقة ناجية وهذا مخالف للذي جاء به الإسلام. أقول بصراحة ان كل من قال لا اله الا الله محمد رسول الله فهو ناج وهو على دين الإسلام وبهذا نحاسب وليس على انتمائنا لهذا المذهب او ذاك.
*ونحن نحاول التحقيق في مسألة انضمامك للشيعة وأنت الأمام المسلم الشيعي الاول في البلاد، لمسنا ان بعض اخوانك من الائمة يعارضون موقفك، وعلمنا كذلك أن الضغوطات تمارس عليك لردك عن الشيعة واعادتك الى اهل السنة؟
نعم هذا صحيح ولكن يبقى هذا ضمن حالة أعتبرها مرضية لطالما عانينا منها ليس فقط على صعيد سني اصبح شيعيا ولكن كانت سابقا وما زالت حالات مرضية مشابهة كحركي يخرج من الحركة الإسلامية ويصبح عندها في نظرهم انه خرج عن الاسلام وأصبح لا يصلى خلفه ويهدر دمه وتكثر الفتاوى ضده من كل حدب وصوب، او وهابي اصبح صوفيا او صوفي اصبح وهابيا يعامل وكأنه خرج عن الملة والدين للأسف وكأن اسلامه يقف عند خروجه من حركة او مذهب او فكر. يعتبرون ذلك خروج عن الاسلام ومحاولة البعض ردي الى السنة ايضا يندرج ضمن هذه الحالة المرضية التي يعاني منها المسلمون.
*هل صحيح ان بعض المسلمين المصلين يرفض إمامتك بعد ان أصبحت شيعياً؟
لم أسمع هذا الأمر ولو حدث ان رفض احد المصلين إمامتي فأنا أؤدي رسالتي به كما اؤدي رسالتي كالعادة كما لو رفض أي منتم للحركة الإسلامية ان يصلي خلفي.
*قل لي بصراحة.. كيف استطعت تغيير عقيدتك؟
لم أغير ولن أغير عقيدتي التوحيدية ومعنى ذلك حقيقة لا اله الا الله. انتمائي للشيعة هو انتماء فكري وليس انتماء عقائدي بمعنى أنني لن اقول ان من لم يكن شيعيا فهو كافر كما أنني لم اقل في الوقت الذي كنت فيه سنياً ان من لم يكن سنياً فهو كافر.
*ماذا تود ان تقول لمعارضيك ولمن لا يتقبلون الشيعة او لنقل ماذا تقول لمن يعارض تعدد المذاهب والآراء والمواقف؟
أقول لهم كما قال الرسول صلى الله عليه وآله بما معناه "إياك أن تحجر واسعاً" فهناك متسع للعقل البشري أن يخوض بفكره مع الاسلام ويخلص بالتالي الى نتائج تتفاوت وتختلف من زمان الى زمان ومن مكان الى مكان وأخذر من مقولة "ليس بالإمكان أفضل مما كان" وأؤيد مقولة "لا تحملوا أبناءكم على زمانكم فقد ولدوا لزمان غير زمانكم".
*هل ما حدث في المنطقة في أعقاب الحرب المجنونة كان له تأثير على الصعيد الشخصي بانضمامك للشيعة؟
أبداً.. وقد قال البعض لي: يا أخي قد يتعاطف البعض منا لموقف هنا أوهناك وتحديداً قالوا قد تكون للمرء منا "هوشرة وشو شرة" ولكن تبقى هذه آنية تنقشع بعد انتهائها، ولكني اقول انا لست ممن "يهوشر ويشوشر" ان صح التعبير وأثناء ذلك تتغير العقيدة ويتغير السلوك ويتبدل المنهج فأصل عقيدتي ثابت ويدور دائما حيث دار الحق.
*هل صحيح بأنك تحاول انشاء طائفة شيعية في القرية والمنطقة؟
لا أؤمن بقضية التنظيمات والجماعات خاصة في الوقت الراهن وذلك بعد عدة تجارب، ذلك لأن غالبية المجتمع ولا أعمم ممن ينتمي الى مجموعات او فئات او مذاهب او أفكار ليس عندهم بعد القدرة لتفهم الرأي والرأي الآخر وتقبله بل هو التعصب الأعمى ان لم يكن باللسان صراحة فهو بالقلب وحقيقة بعيدين عن تلك المقولة "قولي صواب ويحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب".
*ما هو ردك على رأي كبار علماء أهل السنة بأن الشيعة هم الرافضة وأنهم (أي الشيعة) يقولون بأن القرآن محرف وناقص وأن صحابة الرسول باستثناء البعض ارتدوا بعد وفاة الرسول وأن أئمة الشيعة الاثني عشر معصومون ويعلمون الغيب وجميع العلوم التي خرجت على الملائكة والأنبياء والرسل.. وأنهم ليسوا كسائر البشر- كما جاء في كتاب "الشيعة والمتعة" لمؤلفه نظام الدين محمد الاعظمي؟
أما قولهم بأن الشيعة يؤمنون بتحريف القرآن فهذا هو الباطل بعينه وأنا احتفظ اسم سني وهو عالم حينما قال "انا أتحدى ان يقال بأن الشيعة يؤمنون بتحريف القرآن" ولكن اقول ان هناك معاني نزلت لآيات من القرآن هذه التي لم يتم تبليغها او إيضاحها ولكن الشيعة تؤمن بأن القرآن الذي بين أيدينا وما بين دفتيه هو الذي نزل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. اما ادعاءهم بأن الشيعة يقولون بردة بعض الصحابة فأقول لما لا؟! وقد كانت حروب الردة في زمن أبي بكر الصديق لأناس من الصحابة ارتدوا عن دين الاسلام. اما بالنسبة للائمة الاثني عشرية فقضية العصمة هي جائزة عند أي واحد من الناس ولكن هي حتمية عند أنبياء الله ورسله. ألا ترى ان الصبي بفطرته معصوم عن كثير من الأخطاء والزلات ولا يفكر ولو بمجردهم في خديعة او مؤامرة او معصية بل هي البراءة والعفة والطهر. فاذا كان هذا لغير كامل العقل ويؤتى العصمة الا يحتمل ان من أوتي عقلا ان يؤتى عصمة واذا كان هذا المقصود به الائمة الاثني عشرية وهم من آل البيت فلماذا نستبعد عنهم مثل ذلك ونحن قد يبرء البعض منا أخاه من كثير من المعاصي ويعصمه عنها وقد كان هذا حتى مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من غير بيته. اما بالنسبة للغيب فهناك غيب لا يطلع عليه الا اله ولكن هناك بعض الغيب يطلع عليه من شاء الله له ذلك. أما القول بأنهم ليسوا كسائر البشر فأقول كما أن الرسول هو بشر وليس كسائر البشر فهؤلاء هم بضعة رسول الله.
*ألا ترى ان التمسك باعتناق المذهب الشيعي قد يحدث فتنة نحن بالغنى عنها خاصة وأنه لا ينقص المجتمع فتن ومشاكل وإشكاليات في هذا الزمان؟
أقول بصراحة متناهية هكذا هم وبينما هم لا يستطيعون ان يعالجوا الأمراض والأوبئة التي تخر فيهم والتي أسسوها هم أو أسسها لهم من سبقهم بمجرد ان يأتي فكر آخر يتناسوا حالات التمزق والتفرق والتشتت ويأتي كل واحد وكل مذهب وكل فئة وكل حركة وكل جماعة وعدد من هذا كثيرا ولا حرج، يأتون ليقولوا لك أنت الفتنة ونسوا ان حركتهم أصبحت حركتين او أكثر وفكرهم اصبح فكرين او أكثر وجماعتهم أصبحت جماعتين أو أكثر ومذهبهم أصبح مذهبين أو أكثر وحزبهم وفئتهم وعائلتهم.
ازهار الباشا